الرابطة الزوجية

بسم الله الرحمن الرحيم
الرابطة الزوجية المباركة


( و الله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجاً ) سورة فاطر : 11
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالاً كثيراً و نساء و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيباً ) سورة النساء : 1
( و من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودة و رحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) سورة الروم : 21

جاء ( في ظلال القرآن ) :
" إن الناس يعرفون مشاعرهم تجاه الجنس الآخر ، و تشغل أعصابهم و مشاعرهم تلك الصلة بين الجنسين ، و تدفع خطاهم و تحرك نشاطهم تلك المشاعر المختلفة الأنماط و الاتجاهات بين الرجل و المرأة . و لكنهم قلما يتذكرون يد الله تعالى التي خلقت لهم من أنفسهم أزواجاً ، و أودعت نفوسهم هذه العواطف و المشاعر ، و جعلت في تلك الصلة سكناً للنفس و العصب ، و راحة للجسم و القلب ، و استقراراً للحياة و المعاش ، و أنساً للأرواح و الضمائر ، و اطمئناناً للرجل و المرأة على السواء .
و التعبير القرآني اللطيف الرفيق يصور هذه العلاقة تصويراً موحياً ، و كأنما يلتقط الصورة من أعماق القلب و أغوار الحس : ( لتسكنوا إليها ) ... ( و جعل بينكم مودة و رحمة ) .
( إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون )
فيدركون حكمة الخالق في خلق كل من الجنسين على نحو يجعله موافقاً للآخر ، ملبياً لحاجته الفطرية : نفسية و عقلية و جسدية " .

فسبحان الله العظيم !


سور قرآنية كريمة كثيرة و أحاديث نبوية شريفة عديـدة تنـاولت جوانب الحياة الأسرية المختلفة بمــا يؤلف دستوراً دقيقاً ينتــظم هذه المؤسسة الإنسانية
و هذا الكــَم من الآيات و الأحاديث يبين مدى عناية الإسلام بتوثيق عرى البيوت المؤمنة ، و تثبيت بينانها .
و من هذه : سورة النور ، الأحزاب ، التحريم و مواضع أخرى متفرقة




فالزواج آية من آيات الله عز و جل في هذا الكون : فيه المودة و الرحمة و العاطفة القلبية و السكن النفسي و الإحصان و التعفف
و هذه الرحمة التي بين الزوجين رحمة خاصة و حالة خاصة !
و كذا المودة التي جعلها الله تبارك و تعالى بينهما ليست كتلك المودة التي بين الأقارب أو الأصدقاء .. بل هي مودة و عاطفة مخصوصة من نوع خاص متميز و منفرد عن سائر أنواع المودة و الوئام .


فهنالك جانبان للحاجة للزواج : بيولوجي ( عضوي ) و آخر نفسي ( متمثل بالسكن الروحي و القلبي )
، بل سر رباني جمع بين روحين و نفسين و جسدين
سبحان الله العظيم >

و الزواج هو الاتصال الشرعي الوحيد بين الذكر و الأنثى : اتصال الجسد بالجسد و اتصال الروح بالروح
و هـو القانون الاجتماعي السليم الذي يُتيح للجنسين الالتقاء النظيف بناء على أحكام الشريعة و وفق مباركة من الناس .

فكيـف نسمو بروحانية الإنسان و اهتماماته اللائقة به إلا بأن نوقف تحكم الشهوات في حياته .. بأن نُيسر سبيل التعفف

و الإحصان : الذي هــو سنة المُرسَلين
و في الحديث : ( من أحب فطرتي فليستن بسنتي ، و إن من سنتي النكاح ) حديث صحيح - الجامع الصغير .
فمن تعمق في التفكر بنعمة " الزوجية " ينتهي إلى حكمة مفادها أن الله سبحانه و تعالى خلق الذكر و خلق له قرينة " الأنثى " يأنس إليها و معها ، و كذا حال الأنثى قد خلق الذكر لها .
فلا يستطيع أي منهما العيش السوي بهناءة دون الآخر





و قــد حرص الإسلام على تـزكية النفوس و تربيتها التربية الإيمانية الصحيحة .
و من هنا كانت عناية الإسلام بنشأة الأسرة المسلمة لأنها تنشئ أثمن عناصر الكون : الإنسان !


و قد أحببت تناول هذا الموضوع الحياتي في هذه المقالة لما سمعت و رأيت من أمور و قصص تعرضها النساء إذا اشتكين ظلماً أو جوراً وقع عليهن ، أو سوء معاملة أو عشرة الزوج ، أو رؤيتي أن من الفتيات لا تقدر الحياة الزوجية حـق قدرها أو بعض النسوة اللاتي تسيء لزوجها و لبيتها و لنفسها ابتـــداء .


و الإنسان يستطيع التعرف على الحق و الصواب و لو قلت سني عمره : فإن الحق أبلج !

فلا بد من مراجعة جادة لمعالجة الأمور " الإشكالات المستجدة "
فكل منا بمفرده ضعيف ، و نقوى و نصحح مسارنا عند استعانتنا بأهل المشورة بذوي العلم و الخبرة جزاهم الله عنا خيراً .



ذلكم أن
هناك الكثير من الهنات التي تُضخم و تتسبب بإشكالات أخرى لاحقاً يصعب حلها
لذا من الأفضل للزوجين حل المشكلات فيما بينهما ، و لا داعي لإشراك الآخرين بها فإنها ستتفاقم و يصعب استدراكها ، ما دامت في حدود يمكن لهما علاجها بمفردهما .

فرباط الواحد منهما بالآخر جد وثيق و لصيق
و الزواج سكن و أنس
و هو التقاء شطري النفس الإنسانية فيطمئن القلب و يرتاح الجسد و تُحصن النفس من غوائل الشهوات و من بعدُ يمتد النسل




أما مسألة القوامة :

فالإسلام قد وضح الاختصاصات التنظيمية

و هذا التقاسم الوظيفي في الأسرة راعى فيه المنهج الرباني الفطرة و الاستعدادات الموهوبة لشَطرَيْ النفس الإنسانية .

فالمؤسسة ، أي مؤسسة ، لا تسير بلا قوامة ، و أحد شطري النفس الإنسانية مهيأ لها، و هو الزوج كما بين الشرع المطهر .
و هذا ليس تعسفاً ضد المرأة و لا انتصاراً لذكورية الرجل كما يروج لذلك دعاة تحرير المرأة .


حيث إن تقاسم الوظائف كما حدده الشرع إنما هـو مراعاة لفطرة كل منهما ، و أتى بناء على الخصائص النفسية و العضوية و العقلية و العاطفية التي زود بها كل من الزوجين
فكل خلية من خلايا الرجل تحمل طابع جنسه و كذا المرأة كل ذرة فيها تعتز بأنوثتها و عاطفتها و الحنان الذي تأصل فيها

و قد زُودت المرأة فيما زُودت بالرقــة و سرعة الانفعال للاستجابة لمطالب الطفولة ، و زُود الرجل فيما زُود من خصائص بالخشونة و بطء الاستجابة و استخدام الوعي و التفكير : فإن مهامه تحتاج إلى قدر من التروي قبل الإقدام عليها .

هذه أمور لا ينبغي أن نخبط بها خبط عشواء و لا لغط : فالقوامة للرجل ، و هذه القوامة ليست مدعاة لظلم المرأة و هضم حقوق الزوجة و إهانتها
و إن كان من خلل من بعض الأزواج في فهم القوامة فهذا نتاج قصور فهمه الشرعي
و إن القوامة ليس من شأنها إلغاء شخصية المرأة في البيت أو في خارجه.

الف الف الف الف